العولمة
لقد شاع مؤخرا استخدام مصطلح العولمة إلا أن الكثير يتسأل عن هذا المصطلح، وماذا يعني
ويسرني أن أضع بين يدي القارئ الكريم هذا المبحث المتوضع للتعريف بالعولمة ، ونشأتها
والله أسئل ان ينفع به الجميع.
        Globalization                                                                       العولمة
تعني العولمة تزايد الاعتماد الاقتصادي المتبادل بين بلدان العالم بوسائل منها زيادة حجم
وتنوع معاملات السلع والخدمات عبر الحدود والتدفقات الرأسمالية الدولية . وكذلك من خلال
سرعة ومدى انتشار التكنولوجي او تتيح العولمة أيضا فرصا وتحديات جديدة أم الاقتصادات
وصانعي السياسات .
وعلى وجه العموم، فإن مزايا العولمة تشبه إلى حد كبير مزايا التخصص وتوسيع نطاق الأسواق عن طريق التجارة، وهو ما يشدد عليه الاقتصاديون الكلاسيكيون . فعنطريق زيادة التقسيم الدولي
للعمل وزيادة كفاءة تخصيص المدخرات، تؤدي العولمة إلى رفعالإنتاجية ومستويات المعيشة، في حين تتيح زيادة الحصول على المنتجات الأجنبية الفرصةلكي يتمتع المستهلكون بمجموعة كبيرة من السلع والخدمات بتكلفة أقل . ومن الممكن أن تتيح العولمة مزايا أخرى، إذ تسمح مثلا لبلد ما بزيادة المدخرات المالية وزيادة المنافسة بين الشركات.
وكما هو الحال بالنسبة للتقدم التكنولوجي، فإن التجارة والمنافسة الدولية، ومن ثم العولمة ،
تعد مصادر أساسية لا لنمو الاقتصادي فحسب بل وللتغير الهيكلي في الاقتصادات ، ذلك أن
اقتصادات السوق هي نظم ديناميكية مشاركة بصفة مستمرة في عملية التغيير الهيك لي.
ويتحقق التقدم الاقتصادي في أغلبه نتيجة لعمليات التأقلم والتكيف الناجح مع التغيير . ولا
ينطوي التقدم الاقتصادي على نمو الإنتاج الكلي فحسب إنما يشمل أيضا التغيير المستمر
للأحجام النسبية لقطاعات النظام الاقتصادي وهيكل العمالة، وكذلك التغيرات في توزيع
الدخل . وعلى الرغم من استفادة المجتمع ككل من عملية التنمية الاقتصادية، إلا أنه ليس من
المحتمل أن يتم توزيع المكاسب بدرجات متساوية، فقد تحقق بعض المجموعات مكاسب كبيرة
في البداية بينما قد تستفيد مجموعات أخرى بشكل تدريجي أو قد تعاني من النكسات . ومن
الأسئلة التي أثير ت حول التوجه العالمي للاقتصاد ما إذا كان هذا التوجه يؤثر سلبا على
قطاعات كبيرة من المجتمع.
وبهذه الطريقة أدت زيادة تكامل البلدان النامية وبلدان التحول الاقتصادي في الاقتصاد العالمي
إلى إثارة المخاوف من أن المنافسة من جانب الاقتصادات ذات الأجور المنخفضة ستؤ دي إلى
انتقال العمال من وظائف الخدمات المنخفضة الأجر، وبذلك تنخفض مستويات المعيشة في
البلدان المتقدمة . ومن بين المخاوف في هذا الصدد أن العولمة ستقلل الطلب على العمالة الأقل
مهارة في الاقتصادات المتقدمة، مما سيؤثر سلبا على توزيع الدخل عن طريق توسيع الفجوة
بين أجور العمال الأقل مهارة والعمال الأكثر مهار ة. ومن الآثار الأخرى المتصورة وغير
المرغوبة للعولمة، خاصة في المجال المالي ، أن العولمة قد تضعف قدرات السلطة الوطنية
على إدارة النشاط الاقتصادي وتحد من اختيارات الحكومة فيما يتعلق بالمعدلات والنظم
الضريبية.
سمات العولمة الحديثة:
إن التكامل الاقتصادي بين الأمم ليس ظاهرة جديد ة. ففي واقع الأمر يمكن النظر إلى زيادة
تكامل الاقتصاد العالمي في العقود الأخيرة من زوايا متعددة باعتباره استئنافا لعملية التكامل
المكثف التي بدأت في منتصف القرن التاسع عشر وانتهت بالحرب العا لمية الأولى . ففي خلال
تلك الفترة كان هناك القليل من الحواجز المصطنعة أمام التبادل الاقتصادي بين القليل من
الحواجز المصطنعة أمام التبادل الاقتصادي بين البلدان، مما أدى إلى تدفقات كبيرة في السلع
ورأس المال عبر الدول . إضافة إلى تدفقات المهاجرين بأعداد كبير ة. كذلك اتسمت تلك الفترة
المبكرة بتقارب اقتصادي كبير في معدلات الدخل الفردي فيما يعرف بالبلدان الصناعية.
إلا أن عملية التكامل العالمي في الآونة الأخيرة تشهد في بعض الجوانب اختلافا نوعيا عن
التكامل في الفترة السابقة، إذ تزايدت رقعة المساهمة فيها على نطاق عالمي كما تزايد عدد
البلدان المستقلة المشتركة فيه ا. كما أدت التكنولوجيا إلى الجديدة إلى انخفاض شديد في تكاليف
النقل والاتصالات السلكية واللاسلكية وعمليات المحاسبة، وهو ما أدى إلى تسهيل التكامل بين
الأسواق الوطنية على المستوى العالمي . وتضاءل تأثير البعد المكاني ع لى النظم الاقتصادية
وتوارت مشكلات التنسيق بحيث أصبحت أساليب التنظيم الصناعي الفعالة تتضمن في حالات
كثيرة قيام الشركات باختيار أماكن مختلفة من العالم كمواقع للمراحل المختلفة للإنتاج .
وبالتدريج أصبح هيكل التجارة الخارجية قائما على العلاقة بين الصناعات وبين الشركات،
حيث يمثل الاستثمار الأجنبي المباشر إحدى الوسائل الهامة للعولمة . وبمرور الوقت يتزايد
اعتماد البلدان على بعضها في نقل التكنولوجيا وتبادل المعرفة للإلمام بالأساليب الفنية الأخرى
للتصنيع وأنماط التنظيم، والتسويق وتصميم المنتجات . وهكذا يعد انتقال أثر البحوث والتطوير
عاملا آخر معززا للروابط الاقتصادية بين البلدان . وفضلا عن ذلك، أصبحت العناصر
المختلفة للعولمة، وهي التجارة، وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، ونقل التكنولوجيا، أكثر
ارتباطا ببعضها البعض.
وقد لعبت مجموعتان من العوامل دورا هاما في زيادة تكام ل الاقتصاد العالمي . وتضم
المجموعة الأولى التقدم التكنولوجي لا سيما في مجالي المعلومات والاتصالات، الذي يتيح
للشركات تنسيق الأنشطة الإنتاجية في مواقع مختلفة بطرق تتسم بفعالية التكاليف، كما تتيح
انتشار الأساليب التكنولوجية الجديدة أو المعرفة الفنية بسرعة أك بر وعلى نطاق أوسع، يؤدي
بصفة عامة إلى تقليل المنازعات التجارية العالمية . وقد ظهر أثر التقدم التكنولوجي واضحا
في الأسواق المالية حيث التغلب على الحواجز الطبيعية المكانية والزمنية، التي تفصل بين
الأسواق الوطنية . كذلك لعبت السياسات دورا في تكامل الاقتصادات الو طنية. فقد قامت البلدان
بخفض الحواجز المصطنعة أمام حركة السلع والخدمات ورأس المال . واضطلعت منظمتا
منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ومنظمة التجارة العالمية - في إطار تحرير التجارة
المتعددة الأطراف، بأدوار أساسية في تشجيع عدد كبير من البلدان على اعتماد نظم اقتصادية
مفتوحة قائمة على آليات السوق . ومن المؤشرات الدالة على زيادة اتجاه البلدان نحو النظم
القائمة على الانفتاح الاقتصادي ما يتبين من زيادة عدد الدول التي قبلت التقيد بالتزامات المادة
الثامنة من مواد اتفاقية صندوق النقد الدولي المتعلقة بقابلية تحويل العم لات لأغراض معاملات
الحساب الجاري . إذ ارتفع عدد تلك الدول من 35 دولة في 1980 م إلى 137 دولة عام
1997 م.
العولمة من منظور تاريخي:
قد ينظر لظاهرة العولمة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية ونعني بها التكامل العالمي
الوثيق للأسواق ورأس المال - وذلك في جوانب كثير ة منها بوصفها استئنافا للاتجاه السائد في
الاقتصاد العالمي منذ قرن مضى . ففي ضوء بعض المقاييس، زاد تكامل الاقتصاد العالمي في
الخمسين سنة التي سبقت الحرب العالمية الأولى بنفس القدر تقريبا الذي زاد به في العقود
الأخيرة بالغا بذلك مستويات قياسية . وكان التكامل آ نذاك، كما هو الحال الآن . مدفوعا في
جانب كبير منه بانتشار الأسواق والتغيرات التكنولوجية السريعة . إلا أن هذه العملية قد تم
تعطيلها وتغيير اتجاهها في الفترة من 1914 م إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية.
إلا أنه من الصعب أن يطلق على العملية التي كانت تجري قبل 1914 م اسم العولمة، نظرا
لأن أجزاء كبيرة من العالم لم تشارك فيها وأيضا لأن سرعة النقل والمواصلات كانت قدرتها
من الناحية العملية أقل بكثير مما هي عليه الآن من حيث تنظيم الأسواق أو إدارة الشركات
على المستوى العالمي . علاوة على أن الأسواق المالية العالمية اليوم ت تسم بتدفقات إجمالية
أكبر بكثير بالإضافة إلى أتساع نطاق تنوع الأدوات المالية التي يتم تداولها في البلدان

المختلفة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مدونة التوظيف تصميم بلوجرام جميع الحقوق محفوظة 2014

صور المظاهر بواسطة sndr. يتم التشغيل بواسطة Blogger.